في بيان ضرورة وجود النبي واحتياج الخلائق إليه
اعلم انّ غاية الله تعالى من خلق هذا العالم وغرضه لم يكن لتحصيل منفعة ، لكونه تعالى غنيّاً بالذات ولا يحتاج الى الغير في أيّ كمال ، بل انّ الغاية والغرض فوز الخلائق إلى الكمالات التي تكون في شأنهم ، والنشأة الأنسانية ـ كما مضى ـ لها اهليّة واستعداد للوصول إلى الكمال اكثر من سائر المخلوقات.
ويبتدأ الكمال من رتبة خاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي هو أشرف الكائنات ، وينتهي إلى رتبة أبي جهل و... الذين هم أخس الموجودات ، ومن الواضح انّ كمال الانسان يوجد بتحصيل الكمالات ورفع النقائص ، وهذا لا يتم إلا بوجود معلم ربانّي مؤيّد من قبل الله تعالى ، يعلم القبيح والحسن من الأشياء بوحي الله تعالى ، ويرشد الناس إلى الخيرات بالوعد والوعيد ، لأنّ نفوس البشر
باعتبار دواعي الشهوات واللذات ترغب إلى القبائح وتراها حسنة ، وهذا ـ أي رؤية القبيح والشهوات من الأمور الحسنة ـ مذهب اكثر الناس.
وليعلم أيضا أنّ هذه الأمور لا تتم من دون الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب ، ومن الواضح انّ عقل الانسان ـ بدون وحي الله ـ لا يحيط بخصوصيات ثواب كلّ عمل وعقاب كلّ جرم ، فلا يمكن ارشاد الخلق وايصالهم نحو الكمال الا بوجود شخص مبعوث من قبل الله تعالى ، يعلم حسن الأشياء وقبحها.
ولا بد لهذا الشخص من جهتين ، الجهة البشرية كي يجالس الناس ويؤانسهم ويصاحبهم ، ويتكلّم معهم ويألفهم ويختلط معهم كي يؤثر كلامه في نفوسهم ، والجهة الثانية ، الجهة الروحانية والقدسية والكمال كي يستعد بها للفيوضات اللامتناهية ، والقرب من ساحة الله المقدسة ، فبالجهة الثانية يأخذ العلوم والحكم والمعارف ، وبالجهة الأولى يوصلها إلى الخلق.
روي انّ زنديقا أتى أبا عبدالله عليه السلام يسأله عن مسائل ثم أسلم بعد ما أجابه عليه السلام ، وممّا سأله انّه قال : فمن أين أثبت أنبياء ورسلاً ؟ قال أبو عبدالله عليه السلام : انّا لما أثبتنا انّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا يلامسهم ولا يلامسوه ، ولا يباشرهم ولا يباشروه ، ولا يحاجّهم ولا يُحاجوه ، فثبت انّ له سفراء في خلقه وعباده يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم.
فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، وثبت عند ذلك انّ له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدّبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيّدين
من عند الله الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد ، من إحياء الموتى ، وابراء الأكمه والأبرص ، فا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته (1).
واعلم انّ الامام عليه السلام أشار في هذا الحديث إلى دليل آخر ، وهو انّ الانسان مدنيّ بالطبع محتاج إلى الغير في أمر معاشه ومعاده ولا بد من معاشرة بعضهم بعضاً ، وهذه المعاشرة تستلزم عادة حدوث المشاجرات والمنازعات مما يستلزم وجود حاكم عليهم لرفع النزاع والظلم ولولاه لقتل بعضهم البعض حتى يفنوا عن آخرهم.
ولو لم يكن هذا الحاكم مؤيداً من قبل الله تعالى لم يأمن الاجحاف والظلم في حكمه ، مضافاً إلى انّ الحكم موقوف على العلم بالخصوصيات والجزئيات ، ومن الواضح عدم إحاطة العقل البشري لجميع الخصوصيات ، إذن لا بد أن يكون الحاكم مؤيداً بالوحي.
اعلم انّ غاية الله تعالى من خلق هذا العالم وغرضه لم يكن لتحصيل منفعة ، لكونه تعالى غنيّاً بالذات ولا يحتاج الى الغير في أيّ كمال ، بل انّ الغاية والغرض فوز الخلائق إلى الكمالات التي تكون في شأنهم ، والنشأة الأنسانية ـ كما مضى ـ لها اهليّة واستعداد للوصول إلى الكمال اكثر من سائر المخلوقات.
ويبتدأ الكمال من رتبة خاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي هو أشرف الكائنات ، وينتهي إلى رتبة أبي جهل و... الذين هم أخس الموجودات ، ومن الواضح انّ كمال الانسان يوجد بتحصيل الكمالات ورفع النقائص ، وهذا لا يتم إلا بوجود معلم ربانّي مؤيّد من قبل الله تعالى ، يعلم القبيح والحسن من الأشياء بوحي الله تعالى ، ويرشد الناس إلى الخيرات بالوعد والوعيد ، لأنّ نفوس البشر
باعتبار دواعي الشهوات واللذات ترغب إلى القبائح وتراها حسنة ، وهذا ـ أي رؤية القبيح والشهوات من الأمور الحسنة ـ مذهب اكثر الناس.
وليعلم أيضا أنّ هذه الأمور لا تتم من دون الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب ، ومن الواضح انّ عقل الانسان ـ بدون وحي الله ـ لا يحيط بخصوصيات ثواب كلّ عمل وعقاب كلّ جرم ، فلا يمكن ارشاد الخلق وايصالهم نحو الكمال الا بوجود شخص مبعوث من قبل الله تعالى ، يعلم حسن الأشياء وقبحها.
ولا بد لهذا الشخص من جهتين ، الجهة البشرية كي يجالس الناس ويؤانسهم ويصاحبهم ، ويتكلّم معهم ويألفهم ويختلط معهم كي يؤثر كلامه في نفوسهم ، والجهة الثانية ، الجهة الروحانية والقدسية والكمال كي يستعد بها للفيوضات اللامتناهية ، والقرب من ساحة الله المقدسة ، فبالجهة الثانية يأخذ العلوم والحكم والمعارف ، وبالجهة الأولى يوصلها إلى الخلق.
روي انّ زنديقا أتى أبا عبدالله عليه السلام يسأله عن مسائل ثم أسلم بعد ما أجابه عليه السلام ، وممّا سأله انّه قال : فمن أين أثبت أنبياء ورسلاً ؟ قال أبو عبدالله عليه السلام : انّا لما أثبتنا انّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا يلامسهم ولا يلامسوه ، ولا يباشرهم ولا يباشروه ، ولا يحاجّهم ولا يُحاجوه ، فثبت انّ له سفراء في خلقه وعباده يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم.
فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، وثبت عند ذلك انّ له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدّبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيّدين
من عند الله الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد ، من إحياء الموتى ، وابراء الأكمه والأبرص ، فا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته (1).
واعلم انّ الامام عليه السلام أشار في هذا الحديث إلى دليل آخر ، وهو انّ الانسان مدنيّ بالطبع محتاج إلى الغير في أمر معاشه ومعاده ولا بد من معاشرة بعضهم بعضاً ، وهذه المعاشرة تستلزم عادة حدوث المشاجرات والمنازعات مما يستلزم وجود حاكم عليهم لرفع النزاع والظلم ولولاه لقتل بعضهم البعض حتى يفنوا عن آخرهم.
ولو لم يكن هذا الحاكم مؤيداً من قبل الله تعالى لم يأمن الاجحاف والظلم في حكمه ، مضافاً إلى انّ الحكم موقوف على العلم بالخصوصيات والجزئيات ، ومن الواضح عدم إحاطة العقل البشري لجميع الخصوصيات ، إذن لا بد أن يكون الحاكم مؤيداً بالوحي.